شبكة قدس الإخبارية

مصادر تكشف لـ قُدس تفاصيل خروقات الاحتلال بعد اتفاق إنهاء حرب غزة 

39431440-1760649096

خاص - شبكة قُدس: بعد أيام قليلة من إعلان وقف إطلاق النار الذي يفترض أنه أنهى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عادت أصوات الانفجارات والرصاص لتخترق الهدوء الهشّ.

 لم يكد الفلسطينيون في غزة يلتقطون أنفاسهم حتى عادت قوات الاحتلال لتنفّذ سلسلة من الخروقات المنهجية التي طالت مناطق واسعة من شمال ووسط وجنوب القطاع، وأسفرت عن عشرات الشهداء والجرحى، بينهم نساء وأطفال، في مشهدٍ عكَس هشاشة الاتفاق واستمرار منطق العدوان تحت غطاء “المراقبة الأمنية”.

المرحلة الأولى: النيران الأولى بعد الهدنة (11–12 تشرين الأول)

في اليوم التالي مباشرة لإعلان وقف إطلاق النار، شهدت مناطق خانيونس ورفح ودير البلح أولى الخروقات؛ في تل الزعتر شمال غزة، حاصرت ميليشيات إسرائيلية الفلسطينيين بمساندة طائرات استطلاع من نوع “كواد كابتر”، قبل أن تفتح النار بشكل عشوائي.

وفي بني سهيلا شرق خانيونس، أطلقت الآليات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال النار على مجموعة من المدنيين، ما أدى إلى استشهاد حسام محمد حسين أبو عواد، بينما ارتقى الشهيد إسماعيل عبد الله السلال أحمد الأسطل في بلدة القرارة نتيجة إطلاق نار مباشر من دبابة إسرائيلية.

وفي اليوم التالي، 12 تشرين الأول، امتدت الخروقات إلى رفح ودير البلح؛ وأطلقت الطائرات المسيّرة النار على المواطنين في المخيم السعودي، ما أدى إلى استشهاد أحمد سمير البيومي على الفور، في حين أصيب مواطن آخر شرق دير البلح برصاص من طائرة كواد كابتر.

وشهدت خانيونس حادثة جديدة، حيث أصيب شاب عند دوار التحلية بعد استهدافه من مسيّرة إسرائيلية، في وقتٍ أكدت فيه المصادر الميدانية أن “الاحتلال يستخدم الطائرات الصغيرة كسلاح للقتل المتعمد وليس للرصد فقط”.

المرحلة الثانية: تصاعد الاستهدافات وقصف الأحياء (13–15 تشرين الأول)

تواصلت الاعتداءات خلال الأيام 13–15 تشرين الأول، واتخذت طابعًا أكثر عنفًا، مع تنفيذ غارات جوية متزامنة وقصف مدفعي على مناطق مأهولة.

في جباليا شمال القطاع، استُشهد المواطن يوسف عماد سعد الدين البطران برصاص قناص شرق المدينة، بينما أصيب طفل بجراح خطيرة داخل خيمته غرب كوسيفيم في دير البلح بعد إصابته بشظايا قذيفة أدت إلى تفتت كتفه.

وفي خانيونس، ارتقى المواطن خالد بربخ إثر استهداف مباشر من الآليات في منطقة السكة. وفي اليوم التالي (14 تشرين الأول) استهدفت طائرات استطلاع ومسيّرات عدداً من الأحياء الشرقية في الشجاعية والمغازي، مما أدى إلى استشهاد أمير إسماعيل عبد الرحمن عبد الله، ووقوع إصابات بين المدنيين.

وفي حي البخاري بخانيونس، أدى قصف من طائرة استطلاع إلى استشهاد مواطن وإصابة آخر. كما ارتقى عدد من الشبان في قصف مزدوج شرق الشجاعية والتفاح، من بينهم عاطف فضل اسليم، محمد حمادة المبيض، وحماد محمد الخيسي ونجله عبد.

بحلول 15 تشرين الأول، كانت أصوات المدفعية قد عادت لتغطي سماء الجنوب، مع قصف مكثف شرق خانيونس والشجاعية، واغتيال الأخوين إسحاق وخميس حلاسة في شارع حسنين شرق غزة، في حين وثّق المراقبون اعتقال 14 مدنياً في رفح تعرّضوا للتعذيب والتقييد قبل الإفراج عن بعضهم لاحقاً.

المرحلة الثالثة: هجمات مركزة بطائرات الاستطلاع (16–17 تشرين الأول)

شهد يوم 16 تشرين الأول تصعيداً خطيراً في استخدام طائرات “كواد كابتر” المسلحة، التي نفّذت استهدافات دقيقة ضد المدنيين في بني سهيلا والبريج ووادي صابر.

استشهد المواطن محمد سامي عبد الحي قويدر في استهداف مباشر من طائرة مسيرة شرق خانيونس، كما أصيب أربعة من عائلة النباهين في قصف على منزلهم بالبريج.

وفي وادي صابر، استُشهد شقيقان من عائلة أبو محفوظ بعد قصف استهدفهم أثناء محاولتهم تفقد منازلهم المدمرة.

وفي اليوم التالي (17 تشرين الأول) تصاعد القصف المدفعي في مناطق موراج ودوار موزة وعبسان الجديدة، حيث استُهدف باص صغير يقل عشرة أشخاص قرب دوار الكويت في حي الزيتون، ما أسفر عن عدد من الشهداء والإصابات الخطيرة.

كما أطلقت الزوارق الحربية النار تجاه الصيادين في بحر خانيونس، في الوقت الذي توغّلت فيه الآليات في محيط عبسان وحرق جنود الاحتلال خياماً للعائدين في المنطقة ذاتها.

المرحلة الرابعة: مجازر جديدة قبل تثبيت الهدنة (18–19 تشرين الأول)

في اليومين الأخيرين قبل تثبيت الهدنة النهائية، شهد القطاع توسعاً شاملاً في رقعة العدوان؛ ففي الزوايدة والنصيرات والبريج، شنّت طائرات الاستطلاع غارات مكثفة أسفرت عن استشهاد عائلات بأكملها، حيث ارتقى عادل عبد العزيز عيسى ونجله ساجد إثر قصف استهدف النادي الأهلي بالنصيرات، واستشهد أربعة من عائلة وشاح في البريج، وستة من النازحين في خيمة بأرض أبو سليم في النصيرات.

وفي خانيونس، استهدفت طائرات الاحتلال منطقة أصداء، ما أدى إلى ارتقاء خمسة شهداء وعدد من الإصابات، بينما قصفت المدفعية بلدتي عبسان والزنة شرق المدينة، موقعة خسائر بشرية ومادية جسيمة.

وفي غزة المدينة، استُهدفت شقة سكنية غرب المدينة خلفت شهيدين، كما شنّت الطائرات الحربية غارة على شارع أبو حصيرة أدت إلى استشهاد مواطن وإصابة آخرين.

وفي ختام اليوم، تكررت عمليات القصف على مخيم جباليا، حيث تمركزت الآليات الإسرائيلية قرب صالة مزايا ومستشفى العودة، وأطلقت النار بشكل متكرر على كل من حاول الاقتراب من المناطق الحدودية، في خرق واضح لما يُفترض أنه اليوم الأول من “الهدوء الإنساني”.

ما بعد الخروقات

تؤكد الوقائع الميدانية أن ما جرى خلال الأيام التسعة التالية للهدنة لم يكن مجرد “تجاوزات محدودة”، بل نمطاً منظماً من الخروقات اليومية هدفه منع عودة الحياة إلى طبيعتها في المناطق المنكوبة.

فالقصف المتكرر للمناطق الشرقية، والاعتداء على الصيادين والمزارعين، والتمركز العسكري في تخوم المدن، كلها مؤشرات على أن الاحتلال يواصل فرض واقع ميداني جديد بالقوة.

وفي أحدث إحصائية لوزارة الصحة في قطاع غزة؛ فإنه منذ 11 أكتوبر 2025؛ ارتقى برصاص الاحتلال الإسرائيلي 80 شهيدا، وأصيب 303 فلسطينيين في قطاع غزة، إثر الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة وخرق الاحتلال للاتفاق المبرم مع حركة حما بالخصوص. 

وأكد الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، أن الاحتلال لديه سياسة ثابتة في استمرار خرق اتفاق وقف إطلاق النار. موضحا أن الحركة التزمت بكل تفاصيل وقف إطلاق النار في غزة وخاصة في المرحلة الأولى من خلال تسليم كل الأسرى الأحياء دفعة واحدة.

وقال في تصريحات له: "نعمل بشكل يومي على استكمال تسليم كل جثامين الأسرى الإسرائيليين"، مشيرا إلى وجود تحديات كبيرة في تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين بسبب الدمار الكبير. مشددا على أن الاحتلال تعمد في بداية الحرب قصف الأسرى الإسرائيليين وآسريهم والمربعات السكنية من حولهم.

وأشار إلى أن الحركة تتواصل مع الوسطاء بشكل مستمر بشأن استمرار خروقات الاحتلال الإسرائيلي، وهناك تواصل مستمر مع الجانب الأمريكي بشأن التجاوزات التي يتعمد الاحتلال القيام بها.

وتابع: "على كل الأطراف التي تريد استمرار  الهدوء في هذه المنطقة الضغط على الاحتلال لضمان تنفيذ التزاماته"، لافتا إلى أن الاحتلال يستغل ملف المساعدات لابتزاز الموقف السياسي ويلوح بالتجويع مرة أخرى.

كما أكد أن الاحتلال لم يتخل عن سياسة التجويع في وجه شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.

وأكد المكتب الإعلامي الحكومي، أن الاحتلال ارتكب 80 خرقاً منذ قرار وقف الحرب على غزة أسفرت عن 97 شهيداً و230 مصاباً بينها 21 خرقاً حتى يوم الأحد. 

وأكّد أن الاحتلال ارتكب منذ الإعلان عن انتهاء الحرب على قطاع غزة سلسلة من الخروقات الخطيرة والمتكررة، في انتهاكٍ صارخٍ وواضحٍ لقرار وقف الحرب ولقواعد القانون الدولي الإنساني.

وأشار إلى أن هذه الاعتداءات نفّذها الاحتلال باستخدام الآليات العسكرية والدبابات المتمركزة على أطراف الأحياء السكنية، والرافعات الإلكترونية المزودة بأجهزة استشعار واستهداف عن بُعد، إضافة إلى الطائرات الحربية المقاتلة والطائرات المسيرة (الكواد كابتر) التي تواصل التحليق فوق المناطق السكنية بشكل يومي، وتنفّذ عمليات إطلاق نار واستهداف مباشر للمدنيين.

وذكر، أنه تم رصد هذه الخروقات في جميع محافظات قطاع غزة دون استثناء، مما يؤكد أن الاحتلال لم يلتزم بوقف العدوان، ويستمر في سياسة القتل والإرهاب بحق أبناء شعبنا الفلسطيني. محملا الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الخروقات والانتهاكات، وندعو الأمم المتحدة والجهات الضامنة للاتفاق إلى التدخل العاجل لإلزام الاحتلال بوقف عدوانه المستمر، وحماية السكان المدنيين العزّل في قطاع غزة.

وفي السياق ذاته، أكد المكتب أن استمرار الصمت الدولي على هذه الانتهاكات يشجع الاحتلال على التمادي في جرائمه ضد المدنيين.